ماو تسي تونغ: لست إنسانا حقيقيا إن لم تزره
الصين: دينا وادي
عملاً بمقولة الزعيم الصيني الراحل «ماو تسي تونغ، ليس انساناً حقيقياً من لم يزر سور الصين العظيم» قالها في قصيدته الشهيرة عن السور الذي يُعد أهم مقاصد الصين سياحيا، حيث يزوره حوالي عشرة ملايين سائح سنوياً وكان لي تجربة أن أدخل في قائمة زواره ومغامرة الصعود لأعلى السور لأشاهد من أعلى أجمل بقاع الأرض وأخاطب أرواح القدماء في عظمة هذا السور الذي يتجلى فيه ذكاء قدماء الصينيين وعظمتهم.
يقع سور الصين العظيم شمال الصين وبدأ بناؤه في عهد الممالك المتحاربة قبل 2000 عام ويبدأ من ممر جيايوقوان بمقاطعة قان سو غرباً وينتهي عند ممر شان هاي قوان بمقاطعة خه بي شرقاً مروراً بجبال شاهقة ليتصوره كل من يشاهده عن بُعد أنه تنين ضخم يستلقي على أراضي الصين .
وتبدأ حكايته عند مملكة «تشو» بجنوب الصين التي كانت تبني سوراً دفاعياً لها بغرض التصدي لهجمات القبائل البدوية الشمالية والأعداء من خارج الحدود. بعدها بدأت ممالك تشي ويان ووي وتشاو وتشين تبني أسواراً لنفس الغرض في أماكن متفرقة من الصين ليأتي امبراطور «تشينشيهوانغ» أول امبراطور لمملكة تشين ليوحد تلك الممالك ويكلف الضابط الكبير «منغ تيان» بإرسال حملة ضد قبائل الهون من المغول ويصل الأسوار التي بنتها كل مملكة ببعضها ليتشكل في النهاية سور الصين العظيم الذي شاركت في بنائه وترميمه أكثر من عشرين مملكة وأسرة في تاريخ الصين ويبلغ الطول الإجمالي للسور الذي بنته كل الأسر الإمبراطورية 50 ألف كم ، ويقول الصينيون إنه إذا استخدم الطوب المبني به في تشييد سور سمكه متر وإرتفاعه 5 أمتار من الممكن أن يطوق الكرة الأرضية أكثر من مرة.
ولكن سور الصين العظيم الحالي هو ثلث الأصلي القديم حيث أن الثلث الثاني أصبح أطلالاً والثلث الأخير اختفى تماماً.
وتُعد قطاعات «بادالينغ» و«سيما تاي» و«موتيان يوي» أكثر القطاعات المرممة والمفتوحة أمام الزوار كمعالم سياحية.
ويُعد قطاع «بادالينغ» الواقع في محافظة بانتشينغ والتي تبعد حوالي الساعتين عن وسط بكين أشهر القطاعات بين السياح وزائري السور من الصينيين أنفسهم، حيث تذكر الاحصائيات أن 130 مليون زائر منهم 14 مليون سائح أجنبي قام بزيارة قطاع «بادالينغ» من السور منذ افتتاحه رسمياً عام 1954 بالاضافة لحوالي 400 شخصية عامة ورئيس دولة مثل نيكسون وريغان وبوتين ومانديلا وشوارزينجر وبيليه.
ويزداد عدد زائريه يوماً بعد يوم خاصة بعد أن أدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) في قائمة التراث العالمي عام 1987.
يتكون سور قطاع «بادالينغ» من مضيق وسور المدينة ومنصة المدينة وبرج الإنذار المبني على حافة الجبال ويرتفع ويهبط مع تضاريس الجبال.
عندما تتسلق السور المبني بكثير من الصخر المستطيل الكبير والذي يبلغ متوسط ارتفاعه ثمانية أمتار وعرض 6 أمتار حتماً ستقابل الكثير من الصينيين وسيطلبون منك أن تأخذ صورة تذكارية معهم على سلالم السور بعكس الشائع، حيث يطلب السائح دائماً أن يأخذ الصور التذكارية مع أهل البلاد ولكن لأن الصينيين يفتخرون بتراثهم ويحبون تسجيل أصدقاء البلاد من خلال الصور كما قالت لي «آيني» التي ارتدت الزي الصيني التقليدي بجانب صديقتها وأخذتا صورة تذكارية بملابس القدماء وخلفهم سور الصين العظيم ليعتقد كل من يشاهد الصورة أن الفتيات زوجات لقدماء المحاربين المرابضين بالسور وقت هجمات قبائل البدو.
وخلال رحلة تسلق السور للوصول إلى منصة سور المدينة التي تشبه القلعة الصغيرة والذي يقع على مسافة من 300 إلى 500 متر ستجد شرفات السور على الجانب الخارجي للسطح بارتفاع 1.7 متر وعليها فتحات للمراقبة وفتحات لإطلاق النار، أما المنصة فهي مكونة من طابقين في الطابق العلوي توجد فتحات المراقبة وأخرى لاطلاق النار. في الجانب السفلي كان يسكن جنود الدفاع عن المدينة وتخزن الحبوب والغلال والأجهزة والمعدات العسكرية أيضاً.
وتتضح الأماكن الاستراتيجية الواقعة على خط السور حيث توجد حصون وأبراج الإنذار لنقل المعلومات والأخبار وإصدار الأوامر والتوجيهات عن طريق رفع الدخان من اشعال روث الذئاب، حسبما ذكر لنا المرشد السياحي «جو» ـ وهو اسمه الأجنبي ليس الصيني ـ كما قال لنا أيضاً إنه اشترك ببناء السور حوالي مليون و500 ألف جندي ومواطن مدني لبناء السور في عهد الامبراطور «تشينشيهوانغ» وتم بناء السور في المناطق الصحراوية بمواد مكونة من الصفصاف نظراً لشح الصخور والطوب الأصفر، أما في مناطق هضبة التراب فبني بالتراب المدكوك أو الطوب غير المحروق لكنه لا يقل متانة عن السور غربي الصين، أما بناء السور في عهد أسرة مينغ الملكية كان الطوب أو الصخور أو بخليط من الصخور والآجر وتوجد قناة لتصريف المياه على قمة السور لأجل صرف مياه الأمطار تلقائياً وحماية السور الذي يمكن للسائح رؤية أجمل المناظر الطبيعية التي تدعو للتأمل والصفاء الذهني من أعلى قمته.
وهناك أجزاء أخرى من السور لا يعرف الكثير من السياح عنها شيئا مثل قطاع «هوانغ هواتشنغ» الواقع على بُعد 60 كم من مدينة بكين في شمال غرب مركز محافظة هوايرو، وبالرغم من أن هذا القطاع أقل قطاعات السور شهرة إلا أنه قطاع من السور الأصلي الخالص ويذكر أن طوباته وأحجاره مثبتة بحساء الأرز مما جعله صلباً ومنيعاً. وعلى الرغم من انهيار وتلف عدة أماكن من السور لكن ممره وشرفاته والأبراج عليه ما زالت كاملة وبقى بعضها في حالة سليمة كما كانت في الزمان القديم ونقش على أحد صخوره البارزة مقطعان من الكتابة الصينية «جين تانغ» بمعنى «حصن متين» لذلك يسمى قطاع «هوانغ هواتشنغ» سور «جين تانغ» أيضاً والذي كان يبلغ طوله أكثر من 10 آلاف متر تلتقي فيها الجبال بالمياه إذ كانت تقطعه من وسطه بحيرة يبلغ عمقها عشرات الأمتار.
زائر سور الصين العظيم يكتشف في نهاية زيارته أن عظمة أي شعب تتجسد في آثاره التي تحكي تاريخ حقب زمنية متوالية وأن بناء هذا السور ليس فقط بهدف الدفاع عن البلاد وإنما كان لمشيديه نظرة مستقبلية بأنه سيكون سبباً رئيسياً لانفتاح الصين على البلاد الأخرى وأحد الموارد الاقتصادية للبلاد.
الصين: دينا وادي
عملاً بمقولة الزعيم الصيني الراحل «ماو تسي تونغ، ليس انساناً حقيقياً من لم يزر سور الصين العظيم» قالها في قصيدته الشهيرة عن السور الذي يُعد أهم مقاصد الصين سياحيا، حيث يزوره حوالي عشرة ملايين سائح سنوياً وكان لي تجربة أن أدخل في قائمة زواره ومغامرة الصعود لأعلى السور لأشاهد من أعلى أجمل بقاع الأرض وأخاطب أرواح القدماء في عظمة هذا السور الذي يتجلى فيه ذكاء قدماء الصينيين وعظمتهم.
يقع سور الصين العظيم شمال الصين وبدأ بناؤه في عهد الممالك المتحاربة قبل 2000 عام ويبدأ من ممر جيايوقوان بمقاطعة قان سو غرباً وينتهي عند ممر شان هاي قوان بمقاطعة خه بي شرقاً مروراً بجبال شاهقة ليتصوره كل من يشاهده عن بُعد أنه تنين ضخم يستلقي على أراضي الصين .
وتبدأ حكايته عند مملكة «تشو» بجنوب الصين التي كانت تبني سوراً دفاعياً لها بغرض التصدي لهجمات القبائل البدوية الشمالية والأعداء من خارج الحدود. بعدها بدأت ممالك تشي ويان ووي وتشاو وتشين تبني أسواراً لنفس الغرض في أماكن متفرقة من الصين ليأتي امبراطور «تشينشيهوانغ» أول امبراطور لمملكة تشين ليوحد تلك الممالك ويكلف الضابط الكبير «منغ تيان» بإرسال حملة ضد قبائل الهون من المغول ويصل الأسوار التي بنتها كل مملكة ببعضها ليتشكل في النهاية سور الصين العظيم الذي شاركت في بنائه وترميمه أكثر من عشرين مملكة وأسرة في تاريخ الصين ويبلغ الطول الإجمالي للسور الذي بنته كل الأسر الإمبراطورية 50 ألف كم ، ويقول الصينيون إنه إذا استخدم الطوب المبني به في تشييد سور سمكه متر وإرتفاعه 5 أمتار من الممكن أن يطوق الكرة الأرضية أكثر من مرة.
ولكن سور الصين العظيم الحالي هو ثلث الأصلي القديم حيث أن الثلث الثاني أصبح أطلالاً والثلث الأخير اختفى تماماً.
وتُعد قطاعات «بادالينغ» و«سيما تاي» و«موتيان يوي» أكثر القطاعات المرممة والمفتوحة أمام الزوار كمعالم سياحية.
ويُعد قطاع «بادالينغ» الواقع في محافظة بانتشينغ والتي تبعد حوالي الساعتين عن وسط بكين أشهر القطاعات بين السياح وزائري السور من الصينيين أنفسهم، حيث تذكر الاحصائيات أن 130 مليون زائر منهم 14 مليون سائح أجنبي قام بزيارة قطاع «بادالينغ» من السور منذ افتتاحه رسمياً عام 1954 بالاضافة لحوالي 400 شخصية عامة ورئيس دولة مثل نيكسون وريغان وبوتين ومانديلا وشوارزينجر وبيليه.
ويزداد عدد زائريه يوماً بعد يوم خاصة بعد أن أدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) في قائمة التراث العالمي عام 1987.
يتكون سور قطاع «بادالينغ» من مضيق وسور المدينة ومنصة المدينة وبرج الإنذار المبني على حافة الجبال ويرتفع ويهبط مع تضاريس الجبال.
عندما تتسلق السور المبني بكثير من الصخر المستطيل الكبير والذي يبلغ متوسط ارتفاعه ثمانية أمتار وعرض 6 أمتار حتماً ستقابل الكثير من الصينيين وسيطلبون منك أن تأخذ صورة تذكارية معهم على سلالم السور بعكس الشائع، حيث يطلب السائح دائماً أن يأخذ الصور التذكارية مع أهل البلاد ولكن لأن الصينيين يفتخرون بتراثهم ويحبون تسجيل أصدقاء البلاد من خلال الصور كما قالت لي «آيني» التي ارتدت الزي الصيني التقليدي بجانب صديقتها وأخذتا صورة تذكارية بملابس القدماء وخلفهم سور الصين العظيم ليعتقد كل من يشاهد الصورة أن الفتيات زوجات لقدماء المحاربين المرابضين بالسور وقت هجمات قبائل البدو.
وخلال رحلة تسلق السور للوصول إلى منصة سور المدينة التي تشبه القلعة الصغيرة والذي يقع على مسافة من 300 إلى 500 متر ستجد شرفات السور على الجانب الخارجي للسطح بارتفاع 1.7 متر وعليها فتحات للمراقبة وفتحات لإطلاق النار، أما المنصة فهي مكونة من طابقين في الطابق العلوي توجد فتحات المراقبة وأخرى لاطلاق النار. في الجانب السفلي كان يسكن جنود الدفاع عن المدينة وتخزن الحبوب والغلال والأجهزة والمعدات العسكرية أيضاً.
وتتضح الأماكن الاستراتيجية الواقعة على خط السور حيث توجد حصون وأبراج الإنذار لنقل المعلومات والأخبار وإصدار الأوامر والتوجيهات عن طريق رفع الدخان من اشعال روث الذئاب، حسبما ذكر لنا المرشد السياحي «جو» ـ وهو اسمه الأجنبي ليس الصيني ـ كما قال لنا أيضاً إنه اشترك ببناء السور حوالي مليون و500 ألف جندي ومواطن مدني لبناء السور في عهد الامبراطور «تشينشيهوانغ» وتم بناء السور في المناطق الصحراوية بمواد مكونة من الصفصاف نظراً لشح الصخور والطوب الأصفر، أما في مناطق هضبة التراب فبني بالتراب المدكوك أو الطوب غير المحروق لكنه لا يقل متانة عن السور غربي الصين، أما بناء السور في عهد أسرة مينغ الملكية كان الطوب أو الصخور أو بخليط من الصخور والآجر وتوجد قناة لتصريف المياه على قمة السور لأجل صرف مياه الأمطار تلقائياً وحماية السور الذي يمكن للسائح رؤية أجمل المناظر الطبيعية التي تدعو للتأمل والصفاء الذهني من أعلى قمته.
وهناك أجزاء أخرى من السور لا يعرف الكثير من السياح عنها شيئا مثل قطاع «هوانغ هواتشنغ» الواقع على بُعد 60 كم من مدينة بكين في شمال غرب مركز محافظة هوايرو، وبالرغم من أن هذا القطاع أقل قطاعات السور شهرة إلا أنه قطاع من السور الأصلي الخالص ويذكر أن طوباته وأحجاره مثبتة بحساء الأرز مما جعله صلباً ومنيعاً. وعلى الرغم من انهيار وتلف عدة أماكن من السور لكن ممره وشرفاته والأبراج عليه ما زالت كاملة وبقى بعضها في حالة سليمة كما كانت في الزمان القديم ونقش على أحد صخوره البارزة مقطعان من الكتابة الصينية «جين تانغ» بمعنى «حصن متين» لذلك يسمى قطاع «هوانغ هواتشنغ» سور «جين تانغ» أيضاً والذي كان يبلغ طوله أكثر من 10 آلاف متر تلتقي فيها الجبال بالمياه إذ كانت تقطعه من وسطه بحيرة يبلغ عمقها عشرات الأمتار.
زائر سور الصين العظيم يكتشف في نهاية زيارته أن عظمة أي شعب تتجسد في آثاره التي تحكي تاريخ حقب زمنية متوالية وأن بناء هذا السور ليس فقط بهدف الدفاع عن البلاد وإنما كان لمشيديه نظرة مستقبلية بأنه سيكون سبباً رئيسياً لانفتاح الصين على البلاد الأخرى وأحد الموارد الاقتصادية للبلاد.